إنَّ علم الحديث، هو : العلم الذي تفجَّرت منه بحار العلوم الفقهية، والأحكام الشَّرعية، وتزيَّنت بجواهره التفاسير القرآنية، والشَّواهد النَّحوية، والدَّقائق الوعظية . وهو العلم الذي يُميِّز الله به الخبيثَ من الطَّيِّب، ولا يرغم إلاَّ المبتدع المتريِّب. وهو العلم الذي يرجع إليه الأصولي وإنْ برَّز في علمه، والفقيه وإنْ برَّز في ذكائه وفهمه، والنَّحوي وإنْ برَّز في تجويد لفظه، واللُّغوي وإن اتَّسع في حفظه، والواعظ المُبصِّر، والصُّوفي والمفسِّر، كلُّهم إليه راجعون، ولرياضِه منتجعون). فكفى بالمُحدِّث شرفاً أن يكون اسمُه مقروناً باسم النبيِّ ﷺ، وذِكرُه مُتَّصِلاً بذكرِه وذِكرِ أهل بيته وأصحابه - رضي الله عنهم أجمعين -.
إنَّ العقيدة الصحيحة هي الأساس المتين، والركن العظيم لعلوم الشريعة، والطريق لمعرفة ما يجب على المسلم أن يعتقده في حق الله، ورسله وأنبيائه، وملائكته، وما يجب الإيمان به من الأمور الغيبية، وغير ذلك من المسائل؛ وعليه فإنَّ علم العقيدة علم شريف القدر، عظيم الذكر، وقعه خطير، وتركه وإهماله يفضي إلى خلل في الإيمان
إن علم المواريث باب من أبواب العلم، وتعلُّمها فرضُ كفايةٍ، وعِلم جليلٌ قدرُه وعظيمٌ أجره؛ إذ هو من العلوم القرآنيَّة، أمر النبي ﷺ بتعلمه، لكثرة ما تعم به البلوى، ورغَّب فيه مخافة اندراسه، ونبّه على فضله على جهة الخصوص، وإن كان علم المواريث داخلاً في عموم أدلة فضل العلم، فقد مدح النبي ﷺ زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ لأنه أعلمُ أصحابه بالفرائض، وأنه كان المسؤولَ عما أشكل منها، والمكتوبَ إليه من الآفاق فيها لعلمه بها .
علم الحديث والإسناد هو من خصائص هذه الأمة ؛ فلا يوجد عند أمة من الأمم مثل ما عندنا من العناية بالإسناد في نقل كتبهم ودينهم ، ولذلك دخلها التحريف والتأليف ، واستحال وصولهم إلى الدين النقي ، أو الوقوف على أحوال أنبيائهم ، على ما كانت عليه ، من وجه صحيح يوثق به .
لاشك أنّ علم الفقه من خير العلوم وأنفعها؛ إذ فيه التمييز بين الحلال والحرام، وهداية الأنام،والنجاة من هول الزحام،والفوز بدار السلام، فقد رسول الله ﷺ : (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)، فمن هذا المنطلق جاء هذا الشرح الماتع لفضيلة الشيخ/ سيد شلتوت الأزهري، على متن (سفينة النجاة في ما يجب على العبد لمولاه)؛ ليكون نبراسًا للمبتدئين في دراسة علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي .
من العلوم الشرعية التي لا غنى لطالب العلم الشرعي عنها علم أصول الفقه؛ إذ به يتوصل المجتهد إلى الأحكام الشَّرعية، وبمعرفته ندرك المنهج الذي سلكه المجتهدون للتوصل إلى هذه الأحكام، وقد ألفت فيه مؤلفات ومتون تعليمية كثيرة، منها: متن الورقات في علم أصول الفقه، لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني -رحمه الله تعالى-